إيران وانقطاعات التاريخ

تاريخ الإضافة الثلاثاء 19 كانون الأول 2017 - 8:36 ص    عدد الزيارات 2650    التعليقات 0     القسم سياسي

        


في رواية انقطاعات الموت، يتحدث الكاتب البرتغالي الراحل جوزيه ساراماغو الحائز على جائزة نوبل عن انقطاع الموت وكيف يتحول حلم الخلود الذي راود الإنسان إلى كابوس، إذ لا بد لهذه الأجسام الفانية التي ترهقها السنين من موت لتستمر حياة آخرين، وكذلك الأيام والتاريخ، فالأيام دول والدول أيام، إذ لا بد من ماضٍ وحاضر ومستقبل، إلا أن مقولة التاريخ ينقطع ولا يكرر نفسه مقولة غير دقيقة، ذلك إن العناصر التي تجري عليها أحداثه باقية لا تتغير، أرض وبشر ودول بكل أطماعها التوسعية أو عدم اعتبارها بتجارب دول وأمم اخرى قادتها أحلامها التي تفوق أحجامها وفهم سنن الكون إلى حتفها.


ولم تشذ الدولة الإيرانية بمسمياتها المختلفة عن هذا، وإن كان الحديث يصب حول الأطماع التوسعية للأنظمة الإيرانية المتعاقبة لا الدولة نفسها وشعوبها، فإن إيران اليوم تأبى الاعتبار من هذه الحقيقة التي يكرر التاريخ سردها، وتصر على سياسات التوسع والتدخل الصفرية التي لن تجعل من إيران دولة عظمى ولا حتى الدولة المهيمنة على الشرق الأوسط، فالخطاب العاطفي الناعم لبعض مسؤولي النظام في طهران ومنهم الرئيس الإصلاحي ظاهرياً روحاني يتنافى تماماً مع سلوك هذا النظام في دعم الأذرعة المسلحة في بعض دول المنطقة ومحاولة التغلغل "الناعمة" في دول أخرى.


حاول شاه إيران إسماعيل وآخرون غيره جعل العراق حديقة خلفية لدولتهم التي خيّب التاريخ كعادته آمالها، ذلك إن تغيير هوية شعب دينية كانت أم قومية ليست أمراً يسهل تحقيقه، إن لم يكن مستحيلاً أصلاً، فبعد عقود قليلة من اجتياح المغول للمشرق العربي استوعبت الأرض غزاتها، واحتلتهم، فتحول قسم منهم من بناء أبراج للجماجم البشرية في المدن التي اكتسحوها إلى بناء مساجد ذكر فيها اسم الله، فكما إن الموت لا ينقطع بخلود أو لا نهاية لاستحالة حدوث هذا، فإن أمنيات قادة النظام في طهران بانقطاعات التاريخ أو تغييبه أو استحضار الجزء الذي يسرد قصص إمبراطورية فارس التي أفل نجمها واهمال أجزاء أخرى هي أحلام ستبددها شموس الأيام، وليقرؤوا التاريخ إذ فيه العبر.


مقالات متعلّقة


التعليقات (0)

 » لا يوجد تعليقات.

أضف تعليق

*
تحديث الصورة

* الخانات الضرورية.