لعبة ملالي طهران المكشوفة!
![]() ![]() ![]() ![]() |
باهرة الشيخلي
كاتبة عراقيةأضحت لعبة معممي إيران التي مارسوها طويلا، مفضوحة ومكشوفة للعالم، ومنها ثنائية التشدد والاعتدال. فولاية الفقيه درجت على تقديم من تسميهم بالمعتدلين ومواراة المتشددين كلما ضاق العالم بالمتشددين، وتقديم المتشددين ومواراة المعتدلين عندما تجد الفرصة سانحة لذلك إقليميا ودوليا.
ثمة ثنائية أخرى يتمظهر بها نظام الولي الفقيه هي السلطة الدينية ممثلة بالولي الفقيه، والسلطة السياسية ممثلة برئيس الجمهورية، فمهما بدتا مختلفتين ظاهريا لكنهما متوافقتان في الباطن.
الثنائية الثالثة أظهرها تصريح أدلى به الرئيس الإيراني حسن روحاني، تبرّأ فيه من ممارسات الميليشيات المرتبطة بإيران، وقال “لا نتحمّل المسؤولية عن أي جماعة خارج إيران تؤيدنا”، وهو تصريح يبعث بعدة رسائل منها أن أي مجموعة توضع على قائمة الإرهاب فإن إيران لن تعترض عليها، وأي جماعة تتحدث باسم إيران فإنها بريئة منها.
هذا التصريح حتى لو قيل ذرا للرماد، سيضعف هذه الميليشيات في اليمن ولبنان والعراق وسوريا وفي غيرها، حيث سيجعلها لقمة سائغة ومنزوعة القوة، أمام المحتجين في أي بلد تتدخل إيران في شؤونه. إذ أن هذه الميليشيات تستمد قوتها من دعم إيران لها، وهذا الدرس كان ينبغي أن يفهمه ذيول إيران، ويفهموا معه أنهم مجرد كبش فداء، منذ أن أعلن بعض قادتها أن إيران لا يهمها سوى مصلحتها العليا. تحدث روحاني بلسان السلطة السياسية، وليس بلسان سلطة الولي الفقيه، وإذا ما اقترفت الميليشيات أي جريمة في البلدان المذكورة، فستقول السلطة الإيرانية إن من يصنع الإرهاب ويدعم تلك الميليشيات هو الحرس الثوري وأنها لا سيطرة لها عليه.
لكن العالم بات يعرف من خلال التجارب الكثيرة السابقة، منذ أن اعتلى آية الله خميني عرش الشاه، أن إيران ستواصل مد الميليشيات التي ترعاها بالسلاح وتموّلها من خلال تجارة المخدرات من طرف خفي، وأن الممارسات الإرهابية ستستمر ولن تشهد السياسة الإيرانية أي تغيير، لكن ربما ستدفع الضغوط الأمريكية بإيران إلى تغيير طفيف في سياستها، خصوصا بعد عملية الأحواز وانتفاضة المواطنين في البصرة، اللتين أظهرتا أن قوة الحرس الثوري كارتونية.
وربما سيقطع إقرار لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي مشروع قانون للتصدي للتدخلات الإيرانية في الشؤون العراقية، الطريق على تدخلات إيران في الشؤون الداخلية للعراق، ولكن ماذا عن تدخلاتها في البلدان الأخرى؟
ورافق إقرار مشروع القانون الأمريكي بيان مقتضب جاء فيه أن القرار ينص على فرض عقوبات على شخصيات إيرانية تهدد السلام والاستقرار في العراق. لكن ما جاء على لسان رئيس اللجنة، بيل رويس، كان أكثر وضوحا عندما قال إن الوثيقة تمكّن السلطات الأمريكية من تحميل “إيران وميليشياتها المسؤولية عن أنشطتها المميتة في العراق”، معتبرا أن تلك الميليشيات تمثّل تهديدا للشعب العراقي ومصالح الولايات المتحدة في العراق. ومن هنا جاء تبرؤ إيران من ميليشياتها، وإعلانها على لسان روحاني أنها لا تتحمّل مسؤولية أي جماعة خارج إيران تؤيدها، فإيران لا تفهم إلا منطق القوة.
فهل ستخلو حياتنا من الاغتيالات والاعتقالات والتجييش الذي تعتاش عليه الطبقة السياسية، وهل ستسلم ثروات العراق من النهب وتختفي مظاهر السلاح المنفلت ونعيش في عراق بلا ميليشيات ولا تدخلات إيرانية، وهل يستطيع هذا القانون أن يجعل إيران تنكفئ إلى داخلها وتجعلنا نعيش في أمان وسلام؟
المصدر: صحيفة العرب اللندانية